ذكرى التأسيس- مبادرات وأفكار لإحياء الإرث السعودي.
المؤلف: أحمد الجميعة10.19.2025

في الثاني والعشرين من شهر فبراير من كل عام، تتألق المملكة العربية السعودية بمؤسساتها وأفرادها احتفاءً بذكرى تأسيس الدولة السعودية في عام 1727 على يد المؤسس الإمام محمد بن سعود. يتسابق الجميع لتقديم مبادرات متميزة، وتنظيم فعاليات متنوعة، وتنشط الأفكار الخلاقة التي تجسد العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة على مدى ثلاثة قرون، وبناء دولة راسخة على أسس الوحدة والاستقرار والازدهار.
اليوم، نسعى جاهدين لتقديم رؤى مبتكرة للاحتفاء بهذه الذكرى الغالية، والتعبير عنها بمنظور أعمق وأشمل في الجوانب المعرفية والعاطفية والسلوكية. تحمل هذه المناسبة أفكارًا قيمة ومتنوعة، وتستدعي استثمارها لتعزيز وحدتنا الوطنية، ودعم مشروعنا الحضاري، والاعتزاز بمسيرة أجيال بذلت تضحيات عظيمة للحفاظ على هذا الكيان الشامخ.
من بين هذه الأفكار، الرمزية التاريخية التي يحملها قصر سلوى في حي الطريف بالدرعية، كونه مقر الحكم في الدولة السعودية الأولى، وفي المقابل، قصر المصمك الذي يرمز إلى إعلان الدولة السعودية الحديثة، ونقطة انطلاق لتوحيد البلاد. يمكن إقامة فعالية تربط بين هذين القصرين، من خلال بناء رمزي لهما، وإنشاء ممر بينهما يروي قصة التأسيس والتوحيد، وذلك عبر منصات عرض تقدم وثائق وصورًا وخرائط ومقتنيات وشخصيات بارزة. يتمكن الزوار من خلال هذه الفعالية من القيام برحلة تاريخية تمتد لثلاثة قرون، واستيعاب قصة وطنية متكاملة بقيمها وتراثها. تتميز هذه الفكرة بإمكانية تطبيقها في مختلف مناطق المملكة في وقت واحد، مما يساهم في إثراء المعرفة التاريخية، وخاصة لدى الجيل الحالي.
تُقام حاليًا فعالية رائعة تنظمها وزارة الإعلام تحت اسم "واحة الإعلام"، ويمكن استلهام هذا الاسم لإنشاء "واحة التأسيس"، وهي فكرة تستحق التنفيذ. تركز هذه الواحة على إبراز الأبعاد الحضارية والثقافية التي قدمتها الدولة السعودية إرثًا للإنسانية على مر القرون الثلاثة الماضية، مثل التعليم، والتأليف، وفنون الخط العربي، والمخطوطات النادرة، والعمارة السعودية الأصيلة، والحرف اليدوية، والأزياء التقليدية، والمأكولات الشعبية، والتجارة وغيرها.
يمكن تجسيد شخصية مانع المريدي، وشخصيات الأئمة والملوك، بالإضافة إلى الشخصيات الوطنية البارزة في فترة تأسيس الدولة السعودية الأولى، وإبراز قصصهم البطولية التي تمثل رمزًا للتضحية والفداء. من بين هؤلاء الأبطال، "أرحمة بن جابر الجلهمي"، و"مسعود بن مضيان"، و"غالية البقمية"، و"بخروش الزهراني"، وغيرهم الكثير. كما يمكن ربط عام الحرف اليدوية 2025، الذي أعلنت عنه وزارة الثقافة، بيوم التأسيس، وذلك لتجسيد تراثنا الإبداعي، وإبراز تفاصيلنا الثقافية المتنوعة. إضافة إلى ذلك، يمكن إقامة فعالية "العنوان الوطني"، التي تمثلها الدرعية اليوم كهوية للسعوديين على مدى ثلاثة قرون، وتجسد الأسس القوية لقيم المواطنة التي تعلمنا التضحية من أجل الوطن، والدفاع عنه، والثبات في وجه التحديات.
تتعدد الأفكار، وتزداد إبداعات السعوديين في كل عام، لإعادة إحياء التاريخ من التأسيس إلى التوحيد، وربطها بمراحل طويلة من الكفاح والتضحية، وصولًا إلى هذه المرحلة التاريخية المميزة التي تشهد فيها المملكة رؤية طموحة، وإنجازات تنموية غير مسبوقة.
